بسم الله الرحمن الرحيم
فاعلم أنه لاإله إلاالله
في القسم الأول حاولنا بيان معنى لاإله إلاالله باختصار شديد.. ولعلنا هنا نحاول الحديث عنها بصورة تطبيقية..
فإن العلم يجب أن يتلوه العمل وهو التطبيق الصحيح له.. فلا فائدة من تعلم القواعد الطبعية في الحركة مثلاً ثم لا تطبق بعد ذلك.. أو يطبق ما يخالفها.. فهنا لن يحصل على ما يريد ولا يستطيع عندئذ التعجب من الأخطاء التي سيقع فيها.. والأنكى من ذلك والأغرب إذا تساءل لماذا لم تنجح هذه التطبيقات التي قام بها بغير علم وبخاصة وأنه يعلم أن الحق بخلافها!
وهكذا فيما يتعلق بالقاعدة العلمية الحقة المطلقة وهي الكلمة الطيبة التي نتشرف بالتلفظ بها كل يوم.. (لاإله إلاالله).. فلا بد من تطبيقها عملياً وإلا فلن ينجح من لا يطبقها في حياته وليس من حقه أن أن يعترض على ما ينتج من أخطاء بسبب عدم تطبيق هذه القاعدة الشريفة..
لنتحدث الآن عن الجانب التطبيقي باختصار وإذا اقتضى الأمر مستقبلاً كان التفصيل إن شاء الله..
إن التطبيق العلمي المنهجي لهذه القاعدة الطيبة (لاإله إلاالله) هو الاستسلام المطلق لها فلا مجال لأن يدخل الإنسان عواطفه أو أفكاره أو خيالاته أو أوهامه أو ظنونه في أي شيء أو في شأن أو في أي أمر بل يعلم أنه (لا شيء له مطلقاً) بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى بلا قيد ولا استثناء ولا تخصيص... بل يفهم ذلك على إطلاقه وعمومه بحذافيره..
فيفهم أنه ليس له شيء من الخلق وليس له شيء عند شيء من الخلق فهو لا يملك شيئاً من الخلق ملكاً حقيقياً متحققاً.. باختصار ليس له حق في جسده ولا في روحه ولا في حواسه ولا في جوارحه ولا في أعضائه ولا في ملابسه ولا فيما ملكه الله تعالى إياه من مال أو غيره ولا في ولده ولا في زوجه ولا في عبده ولا في غيرهم من الخلق..
ومعنى ذلك أنه سيعلم يقيناً أنه ليس من حقه أن يتصرف أي تصرف تجاه شيء من الخلق أو يتعاطاه أو يتعامل معه...الخ إلا إذا علم أنه مأذون له بذلك من قبل (الإله) الحق الذي يملكه ملكاً مطلقاً حقيقياً متحققاً فإذا علم أنه أذن له فمعنى ذلك أن له أن يتصرف وفق ما أذن له (الإله) الذي له كل شيء..
فإذا استسلم الإنسان لهذه الحقيقة فإنه سيعلم أنه ليس له شيء عند عباد الله تعالى وأن لهم أن يفعلوا في أرض الله تعالى بإذن الله تعالى ما شاؤوا.. وليس له أن يعترض على أي فعل يفعله مخلوق آخر.. إلا إذا علم أن الله تعالى منعه فعليه أن يبين ذلك للناس ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر.. ثم ليس له أن يتصرف تجاههم بأي شيء لم يأذن به الله تعالى فإذا أمره الله تعالى بأمر تجاه من يفعل هذا الفعل فإن عليه أن يبادر وإلا فليس له أن يحدث أمراً من تلقاء نفسه.. فهذه الأرض لله تعالى وليست سائبة وليس من عليها كذلك حتى يفعل من شاء ما شاء دون إذن من الله تعالى..
فإذا علم الإنسان إذن الله تعالى في شيء من خلقه فله أن يفعل ما علم أن الله تعالى أذن فيه.. وإذا أمره بأمر فعل ما أمره وإذا نهاه عن شيء انتهى عنه مباشرة.. وإذا اشتبه عليه أمر ولم يعلم أن هذا الشيء أو هذا الفعل أذن الله تعالى فيه أو نهى عنه فإن عليه أن يتوقف لا أن يعطي نفسه الحق في أن يستخدم ملك الله تعالى كيف يشاء فعليه أن يتقي الشبهات..
كما أن التطبيق العملي المتعلق بهذه الكلمة الطيبة يقتضي أن يستسلم لحقيقة أن (كل شيء لله تعالى مطلقاً) فكل شيء لله تعالى على الحقيقة وهو وحده الذي له أن يخلق ويقرر فهو الذي له الخلق والأمر فله كل شيء وله الخلق والأمر وإليه يرجع الأمر كله.. فهو خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل..
ومعنى ذلك أن الله تعالى إذا قضى بقضاء فيه أو معه أو حوله فإنه يقبل ذلك قبولاً تاماً لعلمه أن كل شيء لله تعالى.. فلا يعترض على تصرف الله تعالى في خلقه وليس له أن يسأل الله تعالى عن الحكمة في هذا الأمر أو السبب فالله تعالى ليس ملزماً بشيء بل له كل شيء فهو يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد..
وإذا أمر الله تعالى بأمر فإنه يسارع إلى الائتمار بأمر الله تعالى دون تردد.. فلا يسأل عن علة الحكم أو الحكمة منه لأنه يعلم أنه ملك لله تعالى وله أن يأمره بما شاء وله أن يبين له الحكمة وله أن لا يبين.. ونحن إنما خلقنا الله تعالى لنعبده أي لنخضع له خضوعاً مطلقاً عالمين أن له الحق المطلق في أن نخضع له لذاته سبحانه.. ولم يخلقنا لنناقشه!
وإذا نهى الله فإنه يبادر إلى الانتهاء دون تردد كذلك..
أكرر: إن من يعلم أنه (لاإله إلاالله) سيفهم كل شيء حوله لأنه سيفهم لماذا هو على الأرض وستكون القاعدة المطلقة لسيره على الأرض مفهومة لديه.. فلا يعترض على وجود ما يكره ولا يعترض على عدم وجود ما يحب...الخ.. كما أنه سيعمل على ما يرضاه الله تعالى ويبتعد عما لا يرضاه..
نعم قد لا يعلم الحكمة من هذا الخلق أو من هذا القدر أو من هذا الأمر.. ولكنه يعلم أن الذي له الأمر كله فعل ما له الحق المطلق أن يفعله..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق