الخميس، 8 مارس 2012

الحقوق والحقائق

بسم الله الرحمن الرحيم


العلم بالحقائق كما هي، والالتزام بالحقوق الثابتة هو ما يدعو إليه الإسلام.. وكل خير في معرفة الحق واتباعه والاعتراف بالحق والالتزام به..


والحق (سواءً كان جمعه حقائق أو حقوق) هو ما كان من الله تعالى الذي هو الحق وما عداه الباطل..


فالحقائق مصدرها الواقع المخلوق الذي خلقه الله تعالى بالحق.. والحقوق هي ما شرعها الله تعالى لا سواها.. فلا حق إلا ما قرره الله تعالى.. ولا حق إلا ما خلقه الله تعالى..


وما عدا ما كان من الحق سبحانه فهو باطل.. وهو لم يأت إلا من طريق باطل.. وكل ضلال في معرفة الحقوق والحقائق إنما جاء من أباطيل النفس ووساوس الشيطان..


وقد بين القرآن العظيم وهو قول الله تعالى الحق الذي قوله الحق وهو يقول الحق وهو يهدي السبيل.. أن أصل كل ضلال يعود إلى أمرين او أحدهما.. وهما: الظن والهوى.. قال الله تعالى: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى).. ولينظر غلإنسان إلى كل خلاف بين الناس فسيرى باطلاً وباطلاً أو باطلاً وحقاً.. وسيرى أن كل باطل فإنما يعود إلى أحد ركني الضلالة الذين ذكرتهما الآية الكريمة: الظن والهوى.. وأن المحق متبع دائماً للهدى..

الخميس، 1 مارس 2012

لا إله إلا الله


بسم الله الرحمن الرحيم
فاعلم أنه لاإله إلاالله


في القسم الأول حاولنا بيان معنى لاإله إلاالله باختصار شديد.. ولعلنا هنا نحاول الحديث عنها بصورة تطبيقية..

فإن العلم يجب أن يتلوه العمل وهو التطبيق الصحيح له.. فلا فائدة من تعلم القواعد الطبعية في الحركة مثلاً ثم لا تطبق بعد ذلك.. أو يطبق ما يخالفها.. فهنا لن يحصل على ما يريد ولا يستطيع عندئذ التعجب من الأخطاء التي سيقع فيها.. والأنكى من ذلك والأغرب إذا تساءل لماذا لم تنجح هذه التطبيقات التي قام بها بغير علم وبخاصة وأنه يعلم أن الحق بخلافها!

وهكذا فيما يتعلق بالقاعدة العلمية الحقة المطلقة وهي الكلمة الطيبة التي نتشرف بالتلفظ بها كل يوم.. (لاإله إلاالله).. فلا بد من تطبيقها عملياً وإلا فلن ينجح من لا يطبقها في حياته وليس من حقه أن أن يعترض على ما ينتج من أخطاء بسبب عدم تطبيق هذه القاعدة الشريفة..

لنتحدث الآن عن الجانب التطبيقي باختصار وإذا اقتضى الأمر مستقبلاً كان التفصيل إن شاء الله..

إن التطبيق العلمي المنهجي لهذه القاعدة الطيبة (لاإله إلاالله) هو الاستسلام المطلق لها فلا مجال لأن يدخل الإنسان عواطفه أو أفكاره أو خيالاته أو أوهامه أو ظنونه في أي شيء أو في شأن أو في أي أمر بل يعلم أنه (لا شيء له مطلقاً) بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى بلا قيد ولا استثناء ولا تخصيص... بل يفهم ذلك على إطلاقه وعمومه بحذافيره..

فيفهم أنه ليس له شيء من الخلق وليس له شيء عند شيء من الخلق فهو لا يملك شيئاً من الخلق ملكاً حقيقياً متحققاً.. باختصار ليس له حق في جسده ولا في روحه ولا في حواسه ولا في جوارحه ولا في أعضائه ولا في ملابسه ولا فيما ملكه الله تعالى إياه من مال أو غيره ولا في ولده ولا في زوجه ولا في عبده ولا في غيرهم من الخلق..

ومعنى ذلك أنه سيعلم يقيناً أنه ليس من حقه أن يتصرف أي تصرف تجاه شيء من الخلق أو يتعاطاه أو يتعامل معه...الخ إلا إذا علم أنه مأذون له بذلك من قبل (الإله) الحق الذي يملكه ملكاً مطلقاً حقيقياً متحققاً فإذا علم أنه أذن له فمعنى ذلك أن له أن يتصرف وفق ما أذن له (الإله) الذي له كل شيء..

فإذا استسلم الإنسان لهذه الحقيقة فإنه سيعلم أنه ليس له شيء عند عباد الله تعالى وأن لهم أن يفعلوا في أرض الله تعالى بإذن الله تعالى ما شاؤوا.. وليس له أن يعترض على أي فعل يفعله مخلوق آخر.. إلا إذا علم أن الله تعالى منعه فعليه أن يبين ذلك للناس ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر.. ثم ليس له أن يتصرف تجاههم بأي شيء لم يأذن به الله تعالى فإذا أمره الله تعالى بأمر تجاه من يفعل هذا الفعل فإن عليه أن يبادر وإلا فليس له أن يحدث أمراً من تلقاء نفسه.. فهذه الأرض لله تعالى وليست سائبة وليس من عليها كذلك حتى يفعل من شاء ما شاء دون إذن من الله تعالى..

فإذا علم الإنسان إذن الله تعالى في شيء من خلقه فله أن يفعل ما علم أن الله تعالى أذن فيه.. وإذا أمره بأمر فعل ما أمره وإذا نهاه عن شيء انتهى عنه مباشرة.. وإذا اشتبه عليه أمر ولم يعلم أن هذا الشيء أو هذا الفعل أذن الله تعالى فيه أو نهى عنه فإن عليه أن يتوقف لا أن يعطي نفسه الحق في أن يستخدم ملك الله تعالى كيف يشاء فعليه أن يتقي الشبهات..

كما أن التطبيق العملي المتعلق بهذه الكلمة الطيبة يقتضي أن يستسلم لحقيقة أن (كل شيء لله تعالى مطلقاً) فكل شيء لله تعالى على الحقيقة وهو وحده الذي له أن يخلق ويقرر فهو الذي له الخلق والأمر فله كل شيء وله الخلق والأمر وإليه يرجع الأمر كله.. فهو خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل..

ومعنى ذلك أن الله تعالى إذا قضى بقضاء فيه أو معه أو حوله فإنه يقبل ذلك قبولاً تاماً لعلمه أن كل شيء لله تعالى.. فلا يعترض على تصرف الله تعالى في خلقه وليس له أن يسأل الله تعالى عن الحكمة في هذا الأمر أو السبب فالله تعالى ليس ملزماً بشيء بل له كل شيء فهو يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد..

وإذا أمر الله تعالى بأمر فإنه يسارع إلى الائتمار بأمر الله تعالى دون تردد.. فلا يسأل عن علة الحكم أو الحكمة منه لأنه يعلم أنه ملك لله تعالى وله أن يأمره بما شاء وله أن يبين له الحكمة وله أن لا يبين.. ونحن إنما خلقنا الله تعالى لنعبده أي لنخضع له خضوعاً مطلقاً عالمين أن له الحق المطلق في أن نخضع له لذاته سبحانه.. ولم يخلقنا لنناقشه!

وإذا نهى الله فإنه يبادر إلى الانتهاء دون تردد كذلك..

أكرر: إن من يعلم أنه (لاإله إلاالله) سيفهم كل شيء حوله لأنه سيفهم لماذا هو على الأرض وستكون القاعدة المطلقة لسيره على الأرض مفهومة لديه.. فلا يعترض على وجود ما يكره ولا يعترض على عدم وجود ما يحب...الخ.. كما أنه سيعمل على ما يرضاه الله تعالى ويبتعد عما لا يرضاه..

نعم قد لا يعلم الحكمة من هذا الخلق أو من هذا القدر أو من هذا الأمر.. ولكنه يعلم أن الذي له الأمر كله فعل ما له الحق المطلق أن يفعله..

كيف نتعامل مع الأخبار

بسم الله الرحمن الرحيم

كيف نتعامل مع الأخبار؟


تمثل الأخبار أكثر من تسعين في المائة من ثقافة الناس وهذا من أخطر ما يعانيه الناس والأخطر أن أكثر الناس لا يتبعون منهجية صحيحة في التعامل مع الأخباربل أكثرهم يتبعون الظن!


ومن هنا كان لا بد من موقف منهجي صحيح للتعامل مع الأخبار.


والخبر هو ذلك القسم من الكلام الذي يمكن أن يقابل بالتصديق أو التكذيب وهو يقابل القسم الآخر الذي يسمى الإنشاء الذي لا يتصور مقابلته بالتصديق أو التكذيب وذلك كالاستفهام والنداء والطلب والأمر والنهي.


ومن خلال تتبعنا مواقف الناس من الخبر وصور هذه المواقف نجد أنها لا تخرج عن صور ثلاثة هي:


1-التصديق: وهو حالة تجعل المتلقي للخبر مطمئناً إليه.


وللتصديق ثلاثة أنواع:


-التصديق الابتدائي (الفطري): وهو الذي يقابل الناس به جميع الأخبار وهو يقوم على مجرد تلقي الخبر ما دام لا يوجد ما يمنع منه لدى المتلقي.


-التصديق المنهجي: وهو التصديق الذي يقوم على أساس الثقة بالراوي مع عدم العلم بما يمنع من الخبر.


-التصديق العلمي: وهو الذي يقوم على أساس مشاهدة ما جاء في الخبر على الواقع إما سابقاً أو لاحقاً أو بالتثبت العلمي أو بالعمل.


2-التكذيب: وهو حالة تجعل المتلقي منكراً للخبر.


وللتكذيب نوعان:


-تكذيب علمي: وهو القائم على مشاهدة ما ينقض ما جاء في الخبر.


-تكذيب مجازف: وهو قائم على المجازفة دون أي سند أو برهان وهذا لا يعجز عنه أحد.


3-الشك: وهو حالة يكون الإنسان غير قادر على الاطمئنان إلى ما جاء في الخبر مع عدم القدرة على تكذيبه.


وللشك نوعان:


-شك منهجي: وهو الذي يقوم على أساس الشك بالراوي أو بالخبر نفسه وهو نادر.

فاعلم أنه لا إله إلا الله


بسم الله الرحمن الرحيم

فاعلم أنه لا إله إلا الله

بقلم: خالد بن عبد الرحمن

يقول الله تعالى: (فاعلم أنه لا إله إلا الله) وهذه الآية تتضمن أمراً واضحاً بأن يعلم الإنسان هذه الحقيقة علماً لا أن يحفظها فقط أو يفسر معناها فقط بل عليه أن يعلم حقيقتها..

والعلم هو إدراك الشيء على حقيقته كما هو في الواقع.. ولذلك فإن التصورات والخيالات والأوهام ليست علماً.. ولا يجوز البناء عليها ولا اتخاذ أي قرار أو بناء حكم على أساسها..

فكيف نعلم أنه (لا إله إلا الله)؟!

إن الأمر يسير على من يسره الله تعالى عليه.. ولو أن كل إنسان التزم الحقائق فقط.. والتزم الحقوق فقط فإنه سيكون بذلك قائماً بعلم بمعنى لا إله إلا الله..

ما معنى لا إله إلا الله؟

هذه الكلمة تعني نفي صفة (الإلهة) عن غير الله تعالى الذي خلق كل شيء وهو على كل شيء وكيل..

فما هي الإلهة؟! وما معنى (الإله)؟!

الإله هو الذي له الأمر لذاته خالصاً له ليس له فيه شريك ولا ينازعه فيه غيره..

وهذه الصفة لا تنطبق إلا على واحد لا شريك له ولا إله سواه وهو الله تعالى..

فكل ما عدا الله تعالى مملوك لله تعالى هو الذي اوجده وهو الذي يفنيه وهو الذي يتصرف فيه ما بين إيجاده وإفنائه وهو وحده القادر على أي تصرف يريد أو يختار.. فهو الذي يملك كل شيء ملكاً حقيقياً.. وغيره لا يملك شيئاً ملكاً حقيقياً بل يملكه بتمليك الله تعالى إياه وهو وحده القادر على نزعه منه متى شاء.. ولا يستطيع أحد أن يمنع ذلك عنه.. ولا يستطيع أحد أن يضمن شيئاً من ذلك..

فكل إنسان يرى من نفسه أنه لا يملك من أمره شيئاً فيعلم أنه ولد بغير إرادته وأنه يموت بغير إرادته وأن تصريفات القدر تجري عليه دون إرادته فيما بين خلقه إلى وفاته.. فهو يمرض دون إرادته ويقع ويتعثر ويخدش ويجرح ويتمزق ثوبه ويصاب بالهم والغم...الخ دون إرادته فلو كان يملك من أمره شيئاً لما حدث له ما لا يحب..

وكذلك فإننا نرى كثيراً من الناس يعمون بعد بصر ويصمون بعد سمع ويشلون بعد أن لم يكونوا كذلك.. وهكذا فلو أن إنساناً يملك من أمره شيئاً لما أصابه ما لا يحب..

وكذلك يرى كل إنسان أنه لا يملك غيره من الخلق حتى ابنه.. ويرى أن ابنه يمرض ويسقم وقد يموت دون أن يستطيع فعل شيء له..

كل هذا يؤكد أنه لا أحد يملك شيئاً وانه من ثم لا يستطيع ضمان قدرته على التصرف فيه كيف يحب أو أن يتحكم فيه..

وهذا كله شيء محسوس ملموس مشاهد على أرض الواقع يشاهده كل إنسان في نفسه..

وغني عن البيان أن كل إنسان يرى نفسه أعجز وأعجز عن أن يتصرف في الخلق كله أو بعضه..

إذا فهم الإنسان هذا فهم معنى ("لاإله") من الكلمة الطيبة (لاإله إلاالله) فيفهم أنه لا شيء له مطلقاً.. وأن أي شيء يعطاه فهو منة من غيره وليس له فيه يد فسمعه وبصره وشعره ولسانه ومعدته وصحته وعافيته وعضلاته وحركاته وسكناته...الخ الخ الخ كل ذلك ليس له..

وما أجمل ما قاله بعض المشايخ: إن من يريد أن يفهم ("لاإله" "إلاالله") فإنه إذا وقع بصره أو سمعه أو حسه على شيء فليقل بلسانه ويكرر: (هذا ليس لي) حتى يعتاد على هذا الأمر.. ويختلط بفكره وبلحمه ودمه وعندئذ سيفهم هذه الكلمة الطيبة فهماً صحيحاً دقيقاً..

ما معنى أنه لا شيء لك مطلقاً؟!

ومعنى أنه لا شيء لك مطلقاً أي أنه ليس من حقك أن تزعم أن لك أن تستخدم شيئاً أو تتصرف في شيء كما يحلو لك بل لا بد من استئذان صاحب هذا الشيء!

ولتبدأ بنفسك فتعلم أنه ليس من حقك استخدام شيء من الحواس أو الأجهزة أو الآلات التي ركبها الله تعالى لك (من بصر وسمع وشهوة وكلام...الخ) كما يحلو لك بل لا بد من إذن ممن خلقها وركبها..

فليس من حقك أن تنظر إلى أي شيء تشاء حتى تعلم إذن الله تعالى بذلك وإذا علمت أن الله تعالى حرم عليك النظر إلى شيء فإنك تمتنع لأن الله تعالى منعك دون أن تناقش لأنك تعلم علماً متحققاً أن البصر ليس لك وأنه لله تعالى وأنت تعلم انه قادر على أن يذهب به وأنت تعلم أنه ليست لديك الضمانات للحفاظ على هذا البصر لا من نفسك ولا من غيرك وإلا فمن الذي يستطيع أن يعيد بصرك إن ذهب الله تعالى به؟!..

وكذلك ليس من حقك أن تستمع إلى شيء حرم الله تعالى عليك سماعه لأن أذنك ملك لله تعالى وليست ملكاً لك..

ومثل ذلك ليس لك أن تستخدم شهوتك فيما علمت أن الله تعالى حرمه... الخ..

وينطبق الأمر على غيرك من المخلوقات الخارجة عنك كالإنسان والحيوان والنبات وكل المخلوقات فإنه ليس لك أن تتصرف في شيء منها دون إذن أو أمر ممن يملكها ملكا حقيقياً وهو الله تعالى..

فليس من حقك التصرف تجاه أي إنسان إلا بما أذن الله تعالى لك.. وإذا علمت أن الله تعالى حرم عليك قتل المسلم أو ضربه أو إيذاءه فإنك تمتنع عن ذلك لمجرد أن أمرك الله تعالى بذلك لعلمك بأن أحداً من البشر ليس ملكاص لك إلا إذا ملكك الله تعالى إياه.. وعندها تخضع أيضاً للحدود التي حدها الله تعالى لك في التعامل معه..

كما أنه إذا حرم الله تعالى شيئاً من أكل أو شرب أو غيرهما فإنك تعلم أن هذه الأشياء ليست لك وليس من حقك أن تتعاطاها ما دام صاحب الأمر لم يأذن لك بذلك..

وهكذا في كل شيء..

كما أنك إذا اشتبهت في شيء فإنك تعلم أنه ليس ملكاً لك فتجتنبه خوف أن يكون الذي له الأمر سبحانه لم يأذن لك بتعاطيه أو التصرف فيه..

وفي المقابل فإنك تعلم أن الله تعالى هو الذي له كل شيء مطلقاً.. فإذا نظرت إلى أي شيء أو وقع حسك على أي شيء فإنك تقول بلسانك وبحالك وبعقلك وبفكرك وبكل جوارحك: (هذا لله).. حتى تختلط هذه الكلمة بعظمك ولحمك وتصبح بدهية البدهيات لديك..

ما معنى أن كل شيء لله تعالى:

معنى أن كل شيء لله تعالى: أي أن كل شيء خاضع حقيقة لله تعالى فهو سبحانه يملك زمامه وأمر كل شيء بيده وأنه وحده الذي له الحق في التصرف فيه مطلقاً..

فالله تعالى له أن يحييك متى شاء وكيف شاء ويخلقك على أي صورة شاء.. فله أن يخلق إنساناً على صورة والآخر على صورة أخرى وله أن يتصرف فيك كيف يشاء وله أن يميتك متى شاء وبالطريقة التي يشاء.. وهذا الحق المطلق له بذاته سبحانه وتعالى..

كما أن من حق الله تعالى أن يأمر بما شاء وينهى عما يشاء.. بمطلق حقه سبحانه في ملكه أن يبيح منه ما شاء ويلزم منه بما يشاء ويمنع منه ما يشاء..

ثم إن لله تعالى أن يثيب من يمتثل أمره ونهيه وله أن لا يثيب..

فإذا لم يثب فهذا حق مطلق له.. وإذا أثاب فهو الذي يحدد الثواب ومقداره وشكله في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما..

وله سبحانه أن يعاقب من لا يمتثل لأمره وله أن لا يعاقب.. فإذا لم يعاقب فهذا حقه المطلق وإذا عاقب فهو حقه وهو الذي يحدد العقاب ونوعه وشكله وطريقته ووقته وحاله...الخ

فله أن يعاقب في الدنيا -قدراً (بتسليط المصائب) أو شرعاً بأن يأمر عباده بعقابه بقتله أو قطع أو ضرب أو أخذ مال- وله أن يعاقب في الآخرة أو في الدنيا والآخرة معاً..

وغني عن البيان أنه ليس من حق أحد أن يتدخل في أمر الله تعالى فيقرر عقاباً من عنده أو يعفو من عنده.. فإذا أمر الله تعالى بقطع يد السارق فقد وجب قطعها ونحن نعلم أن يد السارق وجسمه كله ملك لله تعالى ولله تعالى أن يأمر بقطع ما شاء منه حتى بدون سبب ظاهر لنا..

وإذا لم يأمر الله تعالى بشيء تجاه هذا المذنب فإنه ليس من حقنا أن نزيد على حكم الله تعالى من عند أنفسنا فالأمر كله لله تعالى وهو يحكم ما يريد وليس لنا إلا أن نخضع لإرادته سبحانه..

يتبع إن شاء الله..

الحقوق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحقوق

الحق هو الثابت اللازم..

وما يهمنا هنا هو ما يتعلق بموضوع الإلهة التي لا تكون إلا لله تعالى..

فالله تعالى هو وحده الذي له الحق في كل شيء..

وليس لأحد من الخلق حق في شيء أصلاً..

لو سأل أي منا نفسه: هل لي الحق في (......)؟! وليملأ الفراغ بما شاء.. فماذا ستكون الإجابة؟!

مهما كان الأمر الذي سيتساءل عنه الإنسان فإنه إذا فهم (لاإله إلاالله) فإنه سيجيب بأنه ليس من حقه هذا الشيء أصلاً ولكنه منة من الذي أعطاه إياه..

لنملأ الفراغ بأي شيء ولن تكون الإجابة الصحيحة سوى هذه الإجابة..

لنفترض أن مكان الفراغ كان (الولد) فهل سيقول الإنسان إنه مستحق للولد أصلاً؟! أم سيقول إنه منة من الله تعالى؟!

لا شك أنه سيقول هو منة من الله تعالى من الألف إلى الياء! فليس لي أي استحقاق ولولا أن الله تعالى جعلني قادراً على الإنجاب ما أنجبت..


ليكن مكان الفراغ هو: البصر أو السمع أو أية حاسة أو المشي أو جمال الصورة والمنظر أو الجاه أو المال أو المرأة الصالحة أو السيارة أو الجيران الصالحين أو القدرة على الكلام والخطابة...الخ من نعم يتمتع بها الإنسان وهو لا يشعر.. (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)..

إن الإجابة واحدة هي (لا) فأنا ليس لدي أي استحقاق لأية نعمة بل هي منة من الذي له الأمر الي شاء أن يجعلني سميعاً بصيراً ماشياً مالكاً أباً متملكاً...الخ.. ولذلك فإن الذي يستوعب هذه المسألة تجده يحمد الله تعالى دائماً.. وكلما تذكر نعمة أو رأى من لا يملك هذه النعمة ازداد حبه لله تعالى ورغبته في شكره.. وفي المقابل فإنه إذا كان مفتقداً لأية نعمة فإنه يقبل ذلك بكل رحابة صدر حتى لو تمنى في قرارة نفسه أن تكون لديه هذه النعمة لأنه يعلم أن الأمر كله لله تعالى فله الأمر من قبل ومن بعد ومن حقه سبحانه أن يعطيه هذه النعمة ومن حقه أن لا يعطيه إياها لأن كل شيء له وحده وكل خلق وأمر فيخضع له مطلقاً ويرجع أمره إليه..

كما أن أي إنسان يعلم أنه (لاإله إلاالله) فإنه إذا سلبت منه نعمة بعد أن كانت لديه فإنه يصبر ويقبل ويرضى لأنه يعلم أن هذه النعمة منة من الله تعالى فله أن يعطيه إياها وله أن لا يعطيه وله أن يعطيه إياها مدى حياته وله ان يعطيه إياها حيناً ثم يأخذها منه... وهكذا

أما من لا يعلم أنه (لاإله إلاالله) فإنه يظن أن هناك ما هو له في هذه الأرض بل إنه سيتسخط على عدم وجود ما يتمنى بل سيعترض على الله تعالى إن أخذ منه شيئاً أعطاه إياه..